top of page
بحث

زكريات دقاقه.....“" الزبيرية " و أسطورة الخفافيش !

  • Adnan Zahir
  • 23 فبراير 2024
  • 3 دقائق قراءة

 ( الزبيرية ) تقع فى الجزء الشرقى من فريق ريد بالقرب من شارع النيل و فى مكان دار " الفنانين " الحالى بأمدرمان، و لكنها تمتد بالطول من خور الموردة جنوبا و حتى بداية الفريق من ناحية الشمال.

 الحكاية الشائعة فى الحى ، ان الأسم مستمد كما يقال من اسم " الزبير باشا " تاجر الرقيق المعروف، كما ان المكان هو موقع لاحد زرائب الرقيق التى تخصه، و تقول الرواية ان الزبير كان يمتلك منزل غرب الزريبة فى مكان عالى يطل عليها مباشرة مما يسهل مهمة الرقابة على رقيقه المجلوب بالمراكب من أماكن مختلفة من السودان الى مدينة أدرمان !!

فى خمسينات و بداية ستينات القرن الماضى تحولت " الزبيرية " لزريبة حطب ضخمة تمتد من سوق السمك " الملجة " الحالية و الى نهاية ميدان الكره الذى يواجه حديقة " الريفيرا "، و عند فيضان النيل كانت المياه تغمر هذا الميدان، و تردد " الحبوبات " قصة مفادها ان فيضان العام 1946 و صل حوافى المنازل و أطرافها، مما دفع السلطات المختصة باحضار بوليس " السوراى " لمنع الناس من الاقتراب من الماء خوف الغرق.كانت المراكب الضخمة الآتية من جنوب السودان ترسو فى هذا المكان و سمى بالمورد أو الميناء الذى استمد منه حى المورده اسمه .

كانت الزريبه مليئة بشتى أنواع الخشب و اصنافه ، التك ، المهقونى ، السرو ، اللالوب ، الطلح ، الشاف ، الجريد و الطرور، كما كان المكان موطنا لانواع مختلفه و متنوعه من الخفافيش، بالاضافة الى الثعابين و العقارب الأتية مع المراكب الضخمة و التى وجدت لها مكان آمن وسط أكوام الخشب. كانت تلك الهوام تقوم فى احيان كثيرة بغزو الحى، لذلك لم يكن  هنالك ما يدعو للدهشة و الأسر تقوم اسبوعيا بقتل الثعابين و العقارب التى كانت " مصره " على مشاركة الناس منازلهم !

كانت هنالك أسطورة تردد داخل الحى و متداولة بين الشباب و حتى الأطفال مفادها ( اذا قمت بقتل خفاش أو " أبو الرقيع " و قمت بسحقه ثم بعد نشافه نثرته على لعاب أحد حسناوات الحى ، فانها ستقوم بحبك مدى العمر )!!!....كانت تلك القصة هى المنتشرة وسط جيلنا تلك الأيام ، و قد تجدها تحكى بروايات مختلفة فى بعض أحياء امدرمان أو باقى مدن السودان.

كانت تلك الأسطوره محفزا لنا ، و أصبح الخفاش هدفا مشروعا لهجومنا المتواصل الذى يهدف لاصطياد أحد الخفافيش للظفر باحدى حسناوات الحى  .

 الخفاش يحمل أسماء عدة فهو الخفدود ، الحنفوش، ألوطواط و فى أدرمان يطلق عليه اسم ( أبو الرقيع ) و هو من الثديات التى تطير كما أرتبط أسمه بكثير من الخوارق و الأساطير، لذلك فاسمه يرد بكثرة فى أدب الحكى الشعبى.

 كنا نخرج فى المغارب مجموعات من شباب الحى أشبه بالتشكيلات الحربية لصيد الخفافيش  التى تخرج من مكمنها وسط الخشب فى ذلك الوقت ، و تحلق بالآلاف فوق رؤوسنا فى علو منخفض. كنا نحمل جريد النخل و نحاول ضرب الخفافيش التى تدور فوق رؤوسنا و كنا نفشل على الدوام فى اصطيادها، فهى تملك قدرة عجيبة على المناورة و تفادى عصى جريد النخل المشرعة كالحراب، و كنا نعزى المهارة و السرعة التى تتفادى بها تلك العصى المتحفزة الى قدرة شطانية تمتلكها....قرأت لاحقا و بعد سنوات عدة عن تلك الكائنات الشيطانية ما يلى :

( يصدر الخفاش نبضات صوتيه قصيرة لها تردد عالى فوق قدرة الانسان أن يسمعها باذنيه. فتنتشر موجاتها أمام الخفاش الطائر،و عندما ترتطم بأى عائق فى طريقه ترتد الأصوات كصدى يترجمها بسرعة و يقدر المسافة بينه و بين هذا العائق و سرعته بالنسبة للبعد منه و حجم الأشياء من حوله و لا سيما أثناء الظلام )

هذا ما كان من أمر الخفاش أو " ابو الرقيع " اللعين ،لأن لا أحد منا تمكن بالظفر باحدى حسنوات الحى ، اللاتى عشقن شبابا من أحياء أخرى لم يستخدموا الخفاش وسلية لنيل العشق ، ثم غادرن تلك الحسناوات الحى حتى دون الأستدارة للخلف لالقاء نظرة وداع !

رغم نهاية القصة الميلودراميه الا أن هنالك سؤال ظل يلاحقنى حتى اليوم و هو ...

اذا حالفنى الحظ فى ذلك الزمن باصطياد أحد تلك الخفافيش، فكيف يمكننى الحصول على لعاب احدى الحسناوات الذى جرى عنه الحديث فى الأسطورة ؟!!


عدنان زاهر

20 فبرابر 2024

 
 
 

أحدث منشورات

عرض الكل
امرأة " قوس- قزحية " !

امتطى مترو الانفاق و أنا في طريقي للعمل، انسرب منه خارجا في محطة " ينج " ب ( الدوان- تاون ) لأمضى بقية الطريق راجلا. في احدى المرات و أنا...

 
 
 
ازدواجية المعاير و التطفيف !

1   مدخل قرأت مقال لنصر الدين عبد الباري بعنوان ( سلطات الامر الواقع السودانية ضد الأمارات العربية المتحدة : نفاق مؤسسة إبادة جماعية )، و...

 
 
 

Comments


bottom of page