جهاز أمن " الأنقاذ " الدموي !
- Adnan Zahir
- 20 مارس 2021
- 3 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: 24 مارس 2021
بالرغم من مضى ما يقرب على عامين من قيام الثورة و انتصارها على عصابة الأسلام السياسى التى حكمت السودان مدة ثلاثين عاما،فلا زالت فلول أمن النظام الدموى يتجولون بين الناس و يعيشون حياة طبيعة كأنهم لم يرتكبوا آلاف الجرائم، و أن أياديهم ملوثة بدماء آلاف الضحايا الذين قضوا نحبهم تحت آليات تعذيبهم الهمجى.
ولكى لا يظن قتلة أمن نظام الجبهة الأسلامى " الأنقاذ " انهم محصنون من المساءلة و العقاب عن ما أرتكبوا من جرائم، سنعمل على كشف جرائهم ليس فقط للتوثيق، و لكن لكى يعلموا أننا لن نتركهم ينعمون بحياة آمنه و عادية وهم يخرجون السنتهم هزء و سخرية لضحاياهم، سوف نعمل على كشفهم و استعراض مخازيهم حتى ينالوا ما يستحقون من عقاب، وحتى لا تتكرر فى المستقبل نفس المآسى.
فى وجهة كشف جرائم أمن نظام الأنقاذ البائد، أقوم بسرد و عرض ثلاث نماذج لأشخاص أبرياء تم أعتقالهم عشوائيا، تم تعذيبهم بقسوة و بلا رحمة، و فيهم من خرج بعاهات مستديمة. وقعت تلك الأحداث، ابان اعتقالى و تعذيبى بعمارة الأمن الواقعة فى حى المطار و المجاورة للقيادة العامة بالخرطوم و كان ذلك فى النصف الأول من العام 1992 .
نموذج أول – القسيس الجنوبى
أتى بهذا القس الى سطح العمارة مكان وجودنا معتقلين فى أحدى صباحات ذلك الزمن القاتم، و كان يرتدى الزى الكامل للقساوسة مما يعنى انه تم اعتقاله من داخل الكنيسة و كان ذلك مثار دهشتنا و تعجبنا !
بعد تبادل المعلومات عرفنا انه متهم ( بتحريض الجنوبيين ضد النظام الأسلامى ) فى الخرطوم.من جانبنا كنا قد تعودنا على أسلوب جهاز الأمن فى تلفيق التهم الرنانه و الفخمة على المعتقلين، كما كنا نعلم أنها تهم ملفقة ووهمية المراد منها تبرير الأعتقال و أرهاب المعتقل.
ذلك القس لم ينعم بالحماية التى كان من المفترض أن يوفرها له ردائه الكهنوتى، فأمن الأنقاذ و الجبهة الأسلامية لا يؤمنون بدين خلاف دينهم كما لا يحترمون الديانات الأخري،لذلك فقد نال ذلك القس بردائه الأسود صنوفا من العذاب،اللكمات و الصفعات.أجبر على الوقوف مواجها للشمس فى درجة حرارة تجاوزت الخامس و الاربعين.زبانية الأمن المتخصصين فى التعذيب كانوا يعلمون جيدا أن اللون الأسود موصل جيد للحرارة. بعد وقوف ذلك القس لساعات فى تلك الحرارة المهلكة و ظهور الأنهاك، التعب و بوادر الأغماء عليه، تدخل بعض الحراس الآخرين لاحضاره للظل، ليس شفقة به و لكن لأن موت قس يعنى اثارة الرأى العام و من ثم تحملهم المسئولية.
نموذج ثانى – الفتى البسيط
شاب فى مقتبل العمر تم اعتقاله من مدينة " أم بده "- سوق ليبيا ،هيئته العامة توحى بأن لا علاقة له بالسياسة و عند تبادلنا الحديث معه تأكد لنا هذا الظن.
كانت واقعة اعتقاله غاية فى الطرافة كما هى مدعاة للحزن و الاستهجان.قبض عليه فى سوق ليبيا و هو ( يفترش الأرض و يلتحف السماء ) كما يقال فى الأدب الجاهلى القديم و يستمع الى الراديو الذى يمتلكه،الذى كان يبث الأخبار و الغناء بلغة أجنبية لا يفهما الذين قاموا باعتقاله.
اتهم بالتخابر مع دولة أجنبية و امتلاك أجهزة للاتصال و التنصت من على البعد.تم اخضاعه لتعذيب قاسى و أسئلة مكررة عن الدولة التى يتخابر لحسابها!.....بالطبع لم يعترف الفتى المسكين بشئ لأنه لم يكن يعرف شيئا.
أخيرا اتضح بعد فحص الجهاز الذى يمتلكه بواسطة الأجهزة المختصة، انه راديو عادى ذو موجات عالية التذبذ و انه اغتناه عندما كان عاملا لليومية فى سوق ليبيا، كما أتضح انه عاطل و لا عمل له.عندما صدر الأمر بالافراج عنه كان قد نال قدر من العذاب يصعب جبره أو علاجه.غادر سطح تلك العمارة محطما مشدوها و مندهشا.
نموذج ثالث – آدم " المظلوم "
أحضر آدم الى سطح العمارة و هو فاقد لوعيه نتيجة للتعذيب الشديد،كانت التهمة الموجهة له،هو التخابر و التجسس ووجود أجهزة للتخابر فى منزله " بام بده " ، بعد استعادته لوعيه عرفنا القصة الكاملة لأعتقاله.
كان يعمل عاملا للنظافة فى السفارة الأمريكية،فى احدى المناسبات و كعادة السفارات عند التخلص من الأجهزة القديمة التى تمتلكها و استبدالها باجهزة حديثة،قامت باعطاء هذا العامل المجتهد المخلص و نظير لخدماته جهاز للأنذار المبكر للحريق يصدر اصواتا و اشارات من الضوء، نتيجة لوجود أدخنة كثيفة داخل المنزل.
فى أحد الأيام تشاجر آدم مع زوجته فما كان منها الا الخروج من المنزل و أخبار " دورية " للجيش كان موقعها قرب منزلهم،بان زوجها جاسوس و قد قام بتركيب جهاز فى " راكوبة " المنزل.قامت قوة الجيش بمهاجمة المنزل والقبض على آدم " المظلوم " كما اطلقنا عليه لاحقا، الاعتداء عليه بالضرب المبرح ثم تسليمه لجهاز أمن النظام المباد و الذى قام بواجبه خير قيام من ناحية التعذيب و الضرب !!
اخيرا عرفت القصة الحقيقية لذلك العامل و أطلق سراحه، بعد تحوله الى شبح انسان من قسوة التعذيب كما أصبح ينوء بحمل عاهات مستديمة جسدية و نفسية لن يمحوها الزمن.
تلك نماذج تعكس صلف،جهل ، و دموية ذلك الجهاز و الذين لا زالوا أفراده ( يسرحون و يمرحون ) حولنا !!
هل مثل هؤلاء النوع من الناس يمكن أن يظلوا مطلوقى السراح بعد ثورة راح ضحيتها المئات من الشباب ؟!
هل هم محصنون ضد المساءلة و العقاب ؟!!!!
عدنان زاهر
مارس 2021

تعليقات