" الميرينغى و الباشتا " على شواطئ الكاريبي !
- Adnan Zahir
- 29 يوليو
- 4 دقيقة قراءة
1
السفرة كانت مفاجئة، تم الاعداد لها في غضون يومين... تحديد الوجهة ، المكان ، الحجز و كما يقول أهلنا السودانيين ( الحاجات الزى دي في بعض المرات تطلع جميلة ) !.... لكن في حقيقة الأمر كانت أكثر من رائعة .
الجهة المقصودة كان لها وقع خاص على نفسى، فأنا مفتون بأدباء ، مفكرين ، فلاسفة و مناضلي أمريكا اللاتينية، خاصة أولئك الادباء الذين اثروا و أثروا على مسيرة الادب العالمي " ناس " ( غارسيا ماركيز ) الكولومبي وواقعيته السحرية ، من " بيرو " الأديب و الناقد الذى فاز بجائزة نوبل للأدب ( ماريو فارغاس ) ، الشاعر التشيلي ( بابلو نيرودا ) ، الكاتبة التشيلية ( إيزابيلا اللندى ) ، و الاديب البرازيلي الذى لا تفوتني إصداره له ( بابلو كويهلو )....الخ
كذلك المناضلين من أجل الحرية و الحقوق، المحرر ( سيمون بوليفار خوسيه ) الفنزويلي مع صديقته ( مانويلا ساينز ) ، ( تشى جيفارا ) الأرجنتيني الذى ألهم الثوار في جميع انحاء العالم ووقف ضد الظلم أينما وجد، ( فيدل كاسترو ) الكوبي رمز النضال ضد الغطرسة الامريكية ، ( سلفادور اليندى ) التشيلي الذى قتل واقفا على رجليه، و هو يدافع عن وطنه و نظامه ضد ديكتاتورية العسكر و الهيمنة الأمريكية ، ( ساندينوا ) النيكاراجوى الذى قاوم الاحتلال الأمريكي و أصبح ملهما لثوار ( الساندينستا ) في نيكاراغوا ، الشقيقات ميرابال ( باتريا، مينيرفا ، ماريا تيريزا ) اللاتي قتلن بوحشية من قبل نظام الديكتاتور ( تروخيو ) في الدومنيكان و أصبحن رمزا للنضال في تلك الجزيرة ...الخ
بالإضافة الى كل هذا الارث الباذخ من النضال و الادب ، كانت لدى الرغبة في معايشة ثقافة أخرى تختلف عن الثقافة الاوربية ، العربية و الافريقية.....ثقافة لها طعمها و مذاقها الخاص الغاطس في عمق التاريخ، المتشرب بعشق الحرية و هذا ما وجدته في الدومنيكان.
" جمهورية الدومنيكان " تقع في أمريكا الجنوبية منطقة الكاريبي في جزيرة ( هيسبانيولا ) المشتركة بينها و دولة " هايتي " ، و تعتبر الدومنيكان ثاني أكبر الجزر بعد كوبا. تقع على الشرق من هايتي، و تطل على المحيط الأطلسي في الشمال و البحر الكاريبي في الجنوب مع فراش أبيض من الرمال و الكثبان تمتد على طول شواطئها.
كان علينا أن نركب الطائرة من ( تورنتو ) لمدة أربع ساعات لنصل الى ( بونتا كانا ) أحد أشهر المدن السياحية في الدومنيكان ، لذلك مطارها مزدحم على الدوام بالسياح و هي مدينة غاية في الجمال تعطيك الاحساس بأن الآتي بالضرورة أجمل.
السواح من جميع الجنسيات، و لكن يغلب عليهم العرق اللاتيني قادمون اليها للراحة و الاستجمام، كل مشغول بحاجاته و لا ينظر لغيره. و رغم المدة الطويلة التي قضيناها في المطار نسبة للأعداد الكبيرة ،الا أن الجو العام المفعم بالفرح خفف من ثقلها . عندما انتهينا كان علينا التوجه الى مصيف خارج مدينة ( بونتا كانا ) على بعد ساعة و ربع بالسيارة في طرق مرصوفة و سط الجبال و بسرعة مائة و عشرين كيلو في الساعة.
على جانبي الطريق تمتد مزارع المانغو ، الموز، الأناناس، قصب السكر و غابات شجر جوز الهند مع مزارع ترعى بها الأبقار الكثيرة و الضخمة التي تعكس مستوى صحتها و العناية بها. شيآن لفتا انتباهي و أنا أجلس قرب السواق أستمع الى موسيقى " الميرينغى " الراقصة الصادرة من جهاز تسجيل العربة ،و السواق الذى يحاول بلغة انجليزية متعثرة ،أن يشرح لي طبيعة المناطق ، المزارع التي نمر بها . أول ما لفت انتباهي استخدام (الموترسايكل ) كوسيلة خاصة للنقل و كنت أظن ان ( الموترسايكل ) قد خصص فقط لقتلة " الجنجويد " !! ، و ثانيا الشوارع التي تخترق الجبال والتي قد خططت بمهارة عالية و بشكل مدهش، بالإضافة الى نظام الطرق و التزام السائقين و المارة بقوانين المرور.
الطريق الجميل الممتد على مدى البصر ، الخضرة و الهدوء الذى يطغى على الأشياء جعل المعلومات التي استقيتها قبل مغادرتي عن الدومنيكان تتداعى في ذهني. يبلغ عدد السكان حوالى العشر ملايين نسمة في مساحة تبلغ 48,671، و 70 % في المائة من هؤلاء السكان يعيشون في المدن الكبرى .
سكانها من أصول مختلفة ( افارقه ، اوربيون و تاينو ) و العرق الأخير هم سكان الجزيرة الأصليين الذى قضى عليهم المغامر المكتشف ( كولمبس ) عندما وصل الجزيرة ، و سأعود لاحقا في موضوع منفصل للحديث عن هذا الكولمبس .
95 % من السكان مسيحيون و البقية ديانات متفرقة منها الإسلام و يتكلمون الاسبانية نسبة للاستعمار الإسباني الذى جثم طويلا على صدورهم، أما عملتهم المتداولة فهو " البيزو " الدومينيكانى بالرغم عن قبولهم الدولار في الأماكن السياحية.
كانت السماء مكدسة بسحاب ممطر، فذكر لي السائق ان المطر تهطل طوال الوقت و ذلك سر حمل السكان ( للشمسيات ) الواقية من المطر. عندما سألته عن الحيوانات البرية و ندرة الطيور الملاحظ، قال لي لا توجد حيوانات مفترسة كالأسود، النمور و الضباع، بل توجد خنازير صغيرة ، ارانب و أفاعي " الغوانا " غير السامة ،كما توجد لديهم طيور نادرة تعيش في الغابات الكثيفة و قرب المياه و أضاف أن الصيد الجائر من المستعمر، و تجريف الأرض للزراعة قضى على معظمها. " سأعود الى هذا الموضوع لاحقا بتفاصيل دقيقة ".
في تلك اللحظات كانت تنبعث من مسجل العربة أغنية حنينة تصاحبها موسيقى عذبه و صافية تثير الذكريات الحميمة سألته عنها، قال لي انها موسيقى " الباشاتا " و المغنى هو ملك غناء الباشاتا الحديث ( روميو سانتوس ) ....عندما شاهد إعجابي اسمعني لون آخر من الغناء يسمى " الميرينغنى " لفنان مشهور لديهم يسمى ( خوان لويس غيرا )....كان ذلك التعريف السهل و البسيط المختصر، بداية لمعرقتي بأرقى و أجمل أنواع الموسيقى العالمية ....ال
Merengue و الBachata
كنا قد قضينا قرابة الساعة و الربع عندما أخبرنا السائق اننا على مقربة من وجهتنا ، بعد خمس دقائق وصلنا الى ( فيفا ميشس ) المصيف أو المنتجع ......المضطجع في استرخاء تحت قدمي المحيط الأطلسي و الذى سنقضى فيه بقية سياحتنا.
نواصل
توضيح : الميرينغى و الباشاتا هي الموسيقى السائدة في الدومنيكان، و الميريغنى هي الموسيقة شبه الرسمية للبلد ،أما الباشاتا ذات الإيقاع الحزين و العذب فقد نشأت في المناطق الشعبية لذلك فهي أكثر حميمة و التصاقا بالذات
تعليقات