الذئاب .....و أغتيال الثوار !
- Adnan Zahir
- 1 نوفمبر 2022
- 3 دقائق قراءة
أصدرت حكومة محافظة " بريتش كولمبيا " بكندا، التى تقع فى أقصى الغرب، و على ساحل المحيط الباسفيكى، قرار يقضى بقتل الذئاب فى المحافظة و ذلك لأنقاص عددها. السبب يرجع فى ذلك، لأن الذئاب قد تسببت فى النقص العددى لغزلان " الكاريبو " التى تعتمد الذئاب عليها فى غذاءها، كما أن الأستهلاك المتزايد على تلك الغزلان قد يعمل على فناءها،علما بأن القتل الجائر على تلك الغزلان، ومن ثم الأعتداء على البيئة التى تعيش فيها و تدميرها، قد بدأ منذ فترة طويلة مع مجئ المهاجرين الأوائل لهذه المنطقة، وقد كان ذلك هو السبب الأساسى فى نقصان أعدادها.....الجدير بذكره هنا أن تلك الغزلان كانت غذاء أنسان كندا الأول و هم الهنود الحمر ( الأنويت و المتيس ).
على اثر ذلك القرار و الحملة على الذئاب، قامت منظمات متعددة تهتم بالحيوان بالهجوم اعلاميا و شعبيا على ذلك القرار، و أتهمت الحكومة بان قوات حرس الصيد للمحافظة، تقوم بقتل الذئاب بشكل غير انسانى مستخدمة فى ذلك بنادق آلية تستخدم فى الحروب الأنسانية و ليست بنادق لصيد الحيوانات، كما انها تستخدم اساليب وحشية لا تراعى فيها الرأفة بالحيوان .
شرعت أتامل فى الخبر و أعيد سماعه ثم تداعت فى ذهنى ما يجرى فى سودان اليوم، و بعد مرور سنة على انقلاب البرهان فى 25 أكتوبر 2021 . بدأت " لستة " الانتهاكات الأنسانية تجاه الشعب السودانى تمر بذهنى كشريط سينمائى.....
اغتيال 118 شخصا من الشباب اليفع من قبل الشرطة و القوات الأمنية الأخرى، بوحشية و دم بارد و دون أن يرمش لهم جفن.تم كل ذلك لأن الشباب خرجوا الى الشارع يطالبون بالديمقراطية و الدولة المدنية بالاضافة الى الحقوق الأخرى، و أن يكون لهم رأى فى المسائل التى تتعلق بادارة الحكم، كما يحدث فى كل دول العالم !
تم اغتيالهم و اصطيادهم من قبل القوات الأمنية مستخدمة فى ذلك أسلحة، محرم دوليا استخدامها ضد المتظاهرين العزل.............استخدم الرصاص المطاطى و الرصاص الحى ، سلاح الخرطوش الانشطارى ،القنابل الصوتية و مدافع الدوشكا كما استخدمت مياه ملوثة تعمل على حرق الجلد و اصابته بتقيحات و أمراض جلدية.
تلك القسوة المفرطة و المنفلتة تجاه المظاهرات السلمية، دفعت لجنة حقوقية تابعة للأمم المتحدة لادانة الأساليب التى تتخذها الشرطة تجاه المتظاهرين الشباب العزل. لكن مما يدعو للدهشة ووسط هذا الحمام الدموى الذى تقوم به الشرطة تجاه المظاهرات السلمية، فقد أصدرت بيانا تطالب فيه السلطات المختصة باصدار قوانين استثنائية اضافية و انشاء محاكم عدالة ناجزة لتأديب الشعب و قمعه !
هنالك قول شائع يقال عن السودان ينطبق على هذا البيان... يقول ( هنالك أشياء تحدث فى السودان لا تحدث فى أى بلد آخر فى العالم ) .....قد يكون هنالك قدر من الحقيقة فى هذا القول و لكن يجب أن يقرأ هذا " القول " مصحوبا بظروف البلد السياسية. أن السودان عاش أربع و خمسون عاما فى ظل الديكتاتوريات العسكرية..... و تلك الأشياء الغريبة تصدر من الأنظمة الديكتاتورية التى جثمت على صدر الشعب، و ليس من الشعب السودانى !
كما يقولون الشئ بالشئ، يذكر فقد استمعت لتنوير لقوات الشرطة يقول فيه المتحدث أن القانون أعطاهم حق اطلاق الرصاص على المتظاهرين !! و لا أدرى من أين أتى بهذا القول!!! و ذلك حديث ليس فيه جهل فقط بالقانون و تحريفا له و لكن تحريض و تبرير لاستخدام القانون وفقا للمصالح........ القانون الجنائى السودانى قد وضع ضوابط لا تقبل تفسير أخر، و هو لا يمكن أن تقوم قوات الشرطة بأطلاق الرصاص على المتظاهرين العزل دون أمر من قاضى أو وكيل النيابة المسئول .
يبدوا أن هذا السلوك المنفلت يستند على موافقة الدولة الرسمى المتمثل فى الصمت عما يجرى، و لكنه أيضا يعود للنوعية التى تجند فى الشرطة و القوات الأمنية.فقد درجت حكومة " الكيزان " على تجنيد و الحاق الفاشلين،الفاقد التربوى و المجرمين بالقوات الأمنية و ذلك لميلهم الأجرامى لارتكاب كل ما يأمرون به من مخالفات، لذلك ليس صدفة أصبحنا نسمع و لاول مرة على اصطلاح..... كادر أمنى متخصص اغتصاب و آخر تعذيب و ذلك صعق كهربائى....الخ !!!!!....هذه تجربة مستمدة من النازية و أجهزة القمع فى أمريكا اللاتينية.
هنالك شئ آخر جدير بذكره يفسر ذلك السلوك المنفلت و الأجرامى من القوات الأمنية فالديكتاتوريات تعدى المنتسبين اليها، فالمرؤوس للدكتاتور يصبح ديكتاتوريا صغيرا و يمارس نفس نهجه فى ادارة الدولة.... لذلك هم يستغربون عندما يطالب الشعب بحقوقه ..فهم يعتقدون أن الشعب لا حقوق له و عليه طاعة أولياء الأمر، و لذلك اى سلوك مخالف لفهمهم يصف بالتفلت،الصعلكة و قلة الأدب !
المقاربة بما أوردناه بين قتل الذئاب فى كندا و قتل الثوار فى السودان يمثل الفرق بين الديمقراطية - الدولة المدنية... و بين الأنظمة الديكتاتورية.......تبقى هنالك حقيقة ثابتة يجهلها الديكتاتور أو يتجاهلها..... و هى مهما مارس من قتل....تعذيب و سحل فهو الى زوال....هكذا يتحدث التاريخ.
عدنان زاهر
1 نوفمبر 2022
Comentários