الحكم بإعدام المحامي أبوبكر منصور.....تشظى العدل و مؤشرات انهيار الدولة !
- Adnan Zahir
- 11 أكتوبر
- 3 دقيقة قراءة
1
قرار المحكمة العامة مدينة ( سنجة ) بالسودان و القاضي بإعدام المحامي أبوبكر منصور محمد حمزه ، يتجاوز مدلوله حدود القضاء ، ليصبح انعكاسا لعمق الأزمة التي يعيشها الوطن. الوقائع التي اتضحت تقول، ان المحامي ابوبكر منصور هو محامى و ناشط حقوقي ينتمى الى حزب المؤتمر السوداني ، و قد شغل في السابق منصب رئيس فرعية الحزب في مدينة سنجة.
تم القبض عليه بعد استعاد الجيش مدينة سنجة في نوفمبر2024 بتهمة التعاون مع مليشيا الدعم السريع ، في الفترة التي كان يحتل فيها الدعم السريع مدينة سنجه من يونيو 2024 و حتى نوفمبر من نفس السنة. وجهت اليه تهم تحت المواد 50 – 51 من القانون الجنائي السوداني – الباب الخامس – الجرائم الموجهة ضد الدولة و هما على التوالي ( تقويض النظام الدستوري و اثارة الحرب ضد الدولة ) بالإضافة الى مواد أخرى.
حكمت المحكمة العامة على المحامي ابوبكر منصور بعشرين عاما ، تم بعد ذلك الغاء الحكم بعد استئنافه ، و أرجعت محكمة الاستئناف ملف القضية الى المحكمة العامة بعد أن الغت بعض المواد التي أدين بموجبها في الحكم السابق، وأمرت بسماع القضية من جديد على ضوء بينات إضافية ثم اصدار الحكم.
في 5 أكتوبر من العام الجاري و بدون سماع بينات جديدة و في غياب ممثل الدفاع الذى تم اعتقاله قبل الجلسة، أصدرت المحكمة حكما بإعدام المتهم المحامي ابوبكر منصور محمد حمزة شنقاً حتى الموت.
محامو الطوارئ و المهتمون بشئون العدالة عموما، يرون ان ذلك الحكم جاء معيبا، مخالفا للقانون و متجاوزا لكل الإجراءات المفترض اتباعها من جانب المحكمة و يمكن اجمالها في الآتي :
1- قرار محكمة الجنايات تم دون الاستماع الى بينات جديدة كما أمرت محكمة الاستئناف، و في ذلك تجاوز لقرار محكمة أعلى درجه تحرص على تحقيق العدالة.
2- اخلال بحق المتهم في الدفاع عن نفسه و ذلك بعدم اعلان ممثل الدفاع.
3- تغير مواعيد المحكمة المعلنة سابقا في 9 اكتوبر و تحويلها لتنعقد يوم 5 أكتوبر دون اعلان ممثلي الدفاع.
4- اعتقال ممثل الدفاع بواسطة سلطات الأمن قبل الجلسة لمنعه من تمثيل المتهم.
5- جزء من التهم التي وجهت اليه ذات طابع سياسي فضفاض ،وهى خرق الامن القومي و التعاون مع الدعم السريع.
2
انتهاكات تتعلق بالعدالة
- ما تم من تسلسل إجراءات المحكمة يشير الى انتهاك العدالة و التأثير عليها و ذلك باعتقال محامى الدفاع من جانب الأجهزة الأمنية قبل الجلسة، ثم السير في إجراءات المحاكمة دون وجود محامى الدفاع و ذلك يعنى أن المحكمة قد سلبت حق المتهم في المحاكمة العادلة.
- الإجراءات تعكس عدم احترام القانون الذى ينظم العون القانوني للمتهم كما تعنى من جانب آخر التقليل و الاستهانة من دور مهنة المحاماة.
- سلوك المحكمة يعكس التفرقة بين المتهمين كما يشكل انحيازا لجهات أخرى، و ذلك يتعارض و مبدأ المساوة بين المتقاضين.
- خضوع الأجهزة القضائية للسلطة التنفيذية و اذعانها لها، يعنى فقدان القضاء لاستقلاليته وكما يعلم الجميع ان استقلال القضاء هو الركيزة الأساسية لتحقيق العدل.
- تسيس الأجهزة القضائية يعنى الفساد و تحويل ساحات المحاكم لتصفية الحسابات بدلا عن تحقيق العدالة.
- عدم تحقيق الانصاف بين المتقاضين يعمل على اهتزاز الثقة في القضاء كما يدفع الطرف الذى هضمت حقوقه للحصول عليها بطرق خارج نطاق القانون مما يؤدى الفوضى في المجتمع.
3
اِنهيار العدالة مؤشر لاِنهيار الدولة
عندما تنهار العدالة و معها أشياء أخرى مثل :
- عجز الدولة عن توفير الأمن و ظهور العصابات، الجماعات المسلحة و المليشيات في جميع ارجاء البلاد.
- ارتفاع معدلات العنف وتمدد الجريمة في المجتمع.
- ضعف مؤسسات السياسية أو تلاشيها او عدم وجود لها.
- التوجه العرقي و التحيز الاثنى مع ارتفاع خطاب الكراهية في المجتمع.
- التدهور الاقتصادي بشكل عمودي .
- ارتفاع معدلات التضخم مع تفشى البطالة في المجتمع.
- تدهور الانتاج المحلى.
- انتشار الفساد و سوء الإدارة.
انهيار البنية التحتية من تعليم صحة ،كهرباء و المياه.
- الهجرات داخلية و خارجية و تفتت المجتمعات.
- التدخل الإقليمي و العالمي و فرض الاجندة التي تتعارض مع مصالح المجتمع.
- مع تدهور كل تلك الجبهات بالإضافة مع انهيار العدالة سوف تُصنف الدولة السودانية ضمن حِزم الدول الفاشلة.
4
قضية المحامي ابوبكر منصور هي بمثابة انذار مبكر لانهيار الدولة و تفتتها لتقع في فخ الفوضى العامة ، لا زلت معتقداً بان داخل الأنظمة العدلية يوجد من يفكر بصورة جادة و عقل مفتوح و ينحاز لتحقيق العدالة و يصدر قرارا بإلغاء قرار الإعدام الجائر الذى لا يتعارض فقط مع القانون و المواثيق الدولية لكن في نفس الوقت مع الوجدان السليم.
ان مثل هذا القرار المطلوب من جهة الاستئناف سوف يساهم في إعادة الثقة في الأجهزة العدلية، و يعمل على اِبطاء خطوات العد التنازلي لانهيار الدولة ،كما يعنى اضافة الى كل ذلك أن هنالك بقعة ضوء في النفق المظلم يمكن ان تصبح املاً في عدم اِنهيار الدولة الكامل في السودان.
عدنان زاهر
9 أكتوبر 2025

تعليقات