top of page
بحث

دموع الصحراء .....مذكرات شخص على قيد الحياة - بقلم حليمه بشير

  • Adnan Zahir
  • 25 يونيو 2023
  • 6 دقيقة قراءة

دموع الصحراء............مذكرات شخص على قيد الحياة " هو عنوان لكتاب صادر باللغة الانجليزية من دار نشر "هاربر كولون 2008"، للطبيبة السودانية حليمة بشير. الكتاب يوثق بشكل انسانى للاحداث المآسوية التى تجرى وقائعها فى دارفور و التى أصاب الكاتبة نصيب مؤلم منها . كما هو أيضا تداعى سلس لمسيرة حياة الطبيبة الفتية حتى خروجها - المهرول- الملئ بالمخاطر و الهواجس من السودان .

مؤلفة الكتاب حليمة بشير هى طبيبة زغاوية سودانية، تخرجت حديثا من جامعة الخرطوم عند وقوع أحداث هذا الكتاب و هى تفتخر بذلك الانتماء. كتاباتها تعكس شخصية قوية مصادمة، شجاعة و جرأة، حب و ايمان عامر بالحياة .

- شارك فى الكتابة و المساعدة، الكاتب الصحفى "داميان لويس"، هو كاتب تخصص فى الكتابة عن النزاعات فى انحاء العالم المختلفة مع التخصص فى النزاعات فى افريقيا. "داميان" له عدة مؤلفات أشهرها كتابه "العبدة" الذى نال عنه جائزة تقديرية .

- كتاب "دموع الصحراء" يقع فى 367 صفحة مع صفحتين اضافيتين خصصتا للتعريف بالمنظمتين اللاتى قامتا بمساعدة الكاتبة، وهى قد خصصت عائد هذا الكتاب لاحداهما والتى تحمل أسم "ايجست ترست". يتكون الكتاب من اربع اجزاء بعناوين رئيسية، ثم قسمت تلك الاجزاء الى فصول بعناوين فرعية .

العناوين للاجزاء الرئيسية هى على التوالى 1- طفل الصحراء 2- مدرسة الصحراء 3- صحراء النار 4- صحراء بلا عودة .

الجزء الأول و الثانى من الكتاب تحكى فيه عن مسيرة و تطور طفولتها فى القرية، المدرسة، تقاليد قبيلتها، أسرتها و اعتزازها بجدتها المصادمة غير المتهيبة من شخص، الحافظة لتقاليد القبيلة و من ثم والدها الحنون المتفهم .

الجزء الثالث يتحدث عن التحاقها بجامعة الخرطوم، تخرجها و عملها كطبيبة متمرنة بمستشفى "حشمت" نقلها التعسفى الى نقطة غيار فى قرية "مسخباد". فى تقديرى أن هذا الجزء خاصة (الفصل التاسع عشر، و العشرون ) منه يحتوى على أهم الوقائع، ذلك لانه يتعرض لحادثة اغتصاب الاطفال فى مدرسة "مسخباد" ، وقائع اغتصابها هى شخصيا، و من ثم مآسى الحرب فى دارفور. تصوير بالكلمة المعبرة لمجازر مليشات الجنجويد المدعومة من قبل جيوش سلطة الأنقاذ فى الخرطوم، وهى تنشر الفزع و الخوف، تريق الدماء و تنتزع ارواح الابرياء فى ذلك الجزء العزيز من أرض الوطن .

الجزء الرابع و الاخير يتحدث عن تفاصيل هروبها المثير و المدهش عبر مطار الخرطوم الى مطار "لندن" عاصمة الضباب .

- ولدت حليمة فى العام 1979 باقليم دارفور فى أسرة تعد متوسطة، بمقايس القرية التى تعيش فيها. تنتمى لقيبلة الزغاوة فرع "كوبيا" و هى واحدة من الفروع الثلاثة المكونة لقبيلة الزغاوة، الاخريات هم البديات" و "الطواهير" كما ذكرت فى كتابها. والدها يعمل فى تجارة الماشية و كان جل طموحها و هى صغيرة أن تصبح طبيبة تحقيقا لرغبة والدها و أسرتها لتساهم فى علاج أبناء قريتها و منطقتها. من خلال نشأتها لم تكن لها علاقة بالسياسة من قريب أو بعيد رغم انتماء والدها لحزب الأمة، و لعل ذلك العزوف السياسى يعود لبعد القرية من المركز، دعة الحياة و بساطتها ، تحجم الطموحات لدى المواطنين فى تلك المناطق النائية فى السودان، المهملة عمدا من جانب السلطة أو تقاسعا. ما يثير الانتباه هنا و صفها المشبع لتقاليد و ثقافة منطقتها ، تطابق تلك العادات و التقاليد مع كثير من مدن السودان الأخرى خاصة مدينة أمدرمان، وهو مؤشر للتلاقح الحضارى التاريخى يستحق تناوله فى موضوع آخر بشكل أكثر عمقا .

ايضا يلفت الانتباه فى الجزء الاول و الثانى لهذا الكتاب الوصف الدقيق و المدهش لعملية "الختان" التى تجرى للبنات فى تلك المنطقة فى نهايات القرن الماضى و كانت هى احداهن. ذلك الوصف الدقيق للكاتبة ساعد فيه معرفتها الطبية . فى تقديرى أن هذا الجزء يمكن ان يكون أساس لأى دراسة تعنى بمحاربة تلك الممارسة و العادة المتخلفة ، التى لا زالت تمارس فى السر و العلن فى اجزاء كثيرة من السودان .

- احساسها المبكر بالتميز العرقى و الثقافى الذى يمارس تجاهها بدأ يتكون بعد حضورها المدينة بعد تفوقها الاكاديمى. تشكل ذلك بعد أن سمعتها المديرة فى يومها الدراسى الأول وهى تتحدث بلغة الزغاوة مع أحد بنات قبيلتها وهى لا تجيد اللغة العربية . قامت بعقابها ثم أمرتها ألا تتحدث بلغة غير العربية !

- ارهاصات الحرب الدائرة فى مناطق متعددة فى دارفور تصل الى مسامع قريتها. اعتداءت الجنجويد المتكررة و المتمددة بدعم السلطة الى كل المناطق. تفكير والدها بالهجرة الى المدينة الكبيرة أو الى " تشاد" تفاديا للموت القادم نحو قريته بخطى حثيثة، حماية لأسرته و من ثم رفض "الحبوبة" المطلق للهجرة و تشبثها غير المساوم بأرض الأجداد .

- التحاقها بجامعة الخرطوم كلية الطب. الاسئلة و الممارسات الصعبة التى لا تستطيع منها هروبا يدخلها دائرة الفعل السياسى دون وعيا منها و دون رغبة مباشرة، ذلك الضغط تمثل فى تدخل سلطة الانقاذ المستمر فى الدراسة الجامعية ، دعوة الطلاب للانخراط فى الجهاد للحرب فى جنوب السودان و توضيح والدها لها من قبل بأن ما يتم فى الجنوب تحت مسمى الجهاد ليس جهادا و انما اعتداءا و استغلالا .

اخضاع السلطة التفوق الجامعى للانتماء السياسى و ليس للجهد الشخصى و احراز الطلبة المجاهدين غير المتواجدين فى صفوف الدراسة للدرجات الأعلى. الصدمة التى ألمت بها و هى تمارس التدريب الطبى قسم التشريح فى الكلية، أن كل الجثث التى يجرى عليها التشريح لأشخاص من الجنوب أو الغرب، عندما بادرت بالتساؤل مبدية دهشتها، قيل لها أن هؤلاء لا أهل لهم .

- بعد التخرج من جامعة الخرطوم رجعت حليمة الى منطقتها، التحقت كطبيبة متمرنة بمستشفى مدينة "حشمت" قسم الحوادث. الحرب فى هذا الوقت كانت قد اشتدت و شمل حريقها كل أجزاء دارفور و ساهمت بالفعل من خلال عملها فى تخفيف ويلاتها. وجودها فى قسم الحوادث خلق لها علاقة مباشرة بضحايا الحرب الدائرة، صارت تقوم بعلاج الجانبين المعتدون و ضحايا قبيلتها المحاربون دفاعا عن النفس و الارض .

أدلت فى احدى المرات بحديث لاحد الصحفين جاء الى المستشفى يسأل عن احوال الحرب. ذكرت له أن القبائل العربية غير المستقرة تاريخيا فى المنطقة تحاول الاستيلاء على أراضى القبائل الافريقية المستقرة، و لذلك هى تشن الحرب على الفور، المساليت و الزغاوة. كان ذلك الحديث سببا لاستدعائها بواسطة الاجهزة الأمنية ونقلها تعسفيا الى نقطة غيار فى قرية صغيرة و نائية، تدعى "مسخباد" . قال لها ضابط الأمن المسئول بعد اجبارها على التوقيع على تعهد بعدم الحديث للصحفيين عن الحرب الدائرة، بعد أن بصق عليها (اذهبى.... لا أريد أن أرى وجهك الأسود القبيح مرة أخرى هنا ) .

- فى"مسخباد" تم الهجوم على مدرسة البنات بواسطة مليشات الجنجويد. تم اغتصاب أكثر من أربعين طفلة و مدرستهم (أكبر الاطفال تبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما و أصغرهم سبع سنوات ) . تم ذلك تحت مرأى و سمع أهالى القرية المحجوزين و المقهورين تحت سلاح القوات النظامية فى القرية. تمت ممارسة ذلك الفعل المخزى و معها كيل من السباب (اغتصبوا العبيد)...(السودان للعرب فقط و ليس للعبيد و الكلاب) . قامت حليمة بعلاج الطفلات المغتصبات بما هو متوفر لديها من امكانيات طبية شحيحة، و هى تبكى و يبكى معها أهل الضحايا. حليمة ذكرت كل تلك البشاعات و المآسى لاثنين من موظفى الامم المتحدة الذين جاءوا للتحقيق عما جرى فى القرية بعد سماع أخبار الأغتصاب، بعد الوعد بعدم ذكر أسمها .

- بعد اسبوع من الحادث أتى ثلاثة من رجال الأمن الى نقطة الغيار، تم سحب الطبيبة على الأرض من داخل غرفتها الى العربة الرابضة فى الخارج و تم أقتيادها الى معسكر للجنود فى أطراف القرية. أدخلت الى غرفة و دون أن تفهم ما يجرى بدأ سيل التعذيب.( ضرب على المعدة، ضرب على الرأس، صفعات على الوجه، ضرب بالحذاء العسكرى على الساق) بدات الأشكال تتحور و تتشكل بغير حقيقتها أمام أعينها استباقا للاغماء. فى هذه اللحظة بالتحديد جاء صوت قائد المجموعة ( انت الطبيبة الزغاوية، لقد سبق تحذيرك و قمت بالتوقيع على محضر بعدم الادلاء بمعلومات. لقد كذبت و ذكرت انه تم اغتصاب البنات. "زنيل" و هو اسم أحد الحاضرين، سيكون استاذك فى الاغتصاب )

- تم اغتصابها المتكرر فى اليوم الأول بواسطة ثلاث اشخاص بعد أن تم تقييدها و شل حركتها ثم وضعت قطعة قماش متسخة فى فمها حتى لا يسمع صراخها. حاولت المقاومة وهى مقيدة، ولكن تم طعنها بسكين فى فخذها وتشليخ صدرها بموس ثم تناوبوا فيها حتى أغمى عليها .

حضر فى اليوم الثانى "زنيل" و شخص آخر و قاموا بنفس الفعل حتى أغمى عليها مرة أخرى. فى اليوم الثالث حضر قائد المجموعة و أخبرها، أنهم لن يقوموا بقتلها لأنها تطمع فى الموت و سوف تترك لتعيش بخزى الاغتصاب. تم حملها و رمى بها فى مكان داخل القرية .

- تهرب حليمة من مسخباد الى قريتها وهى تعلم أنها لن تترك على قيد الحياة فى ذلك المكان، تخبر اسرتها الممزقة ألما بما حدث. يتم الهجوم لاحقا على قريتها و يقتل والدها، وفى رحلة يائسة أشبه بالمعجزات تهرب من قريتها الى الخرطوم، ومن هنالك الى خارج السودان .

الكتاب فى تقديرى صرخة مدوية و حزينة سوف يتردد صداها طويلا فى السودان و العالم أجمع. سيتملك الكثيرون الحياء و الغضب، أسئلة حائرة كثيرة تتردد فى دواخلهم أهمها، هل يوجد أناس مثل هؤلاء يعيشون بيننا؟ !!!



نشر فى عدة مواقع الكترونية

9 فبراير 2009



- تزوجت حليمة بشير من ابن عمها ، و تعيش الآن هى ، زوجها و طفلها فى بريطانيا.

أسماء بعض الاماكن و الاشخاص مستعارة لحمايتهم .

- قابلت الكاتبة الرئيس الامريكى "بوش" فى البيت الأبيض قبل انتهاء ولايته وهى منقبة.

تعيش قبيلة الزغاوة الاجزاء الشمالية من ولاية غرب دارفور و بعض الاجزاء الغربية من ولاية شمال دارفور و يشار الى المنطقة بأنها دار زغاوة

 
 
 

المنشورات الأخيرة

إظهار الكل
مهرجان تورنتو السينمائي 2025

TIFF تجرى في مدينة تورنتو في الرابع  و حتى الرابع عشر من هذا الشهر – سبتمبر، فَعالية مهرجان تورنتو السينمائي المعروف باسم ( تِف ). في هذا...

 
 
 
جزيرة ( ساونا )

Saona  Island 4   تقع ( جزيرة ساونا ) عند الطرف الجنوبي الشرقي للدومنيكان داخل البحر الكاريبي، و تعتبر جزء من منتزه الشرق الوطني.  للقيام...

 
 
 

تعليقات


bottom of page