المفارقة بين ضحايا " النعام " في كندا و ضحايا دارفور !
- Adnan Zahir
- 15 نوفمبر
- 4 دقيقة قراءة
مدخل ضروري
في كندا كما في جميع دول العالم الغربي دون استثناء، يلعب الاعلام و طبقة الرأسمالية دورا جوهريا و محوريا في توجيه و تكييف دفة السياسة و التأثير على المواطن المستهدف، ليؤمن بما يقوله الأعلام الذى تسيطر عليه و توجهه.
لذلك ليس صدفة ان يطغى خبر اعدام طيور النعام الأفريقي في " بريتش كولومبيا " في الاعلام الكندي على اخبار المجزرة البشرية الأثنية التي تجرى في دارفور مع تجاهل كامل و اخفاء للأخبار العالمية التي رشحت حول استخدام بعض السلاح الكندي في تلك المعارك .
1
الخبر الرئيسي على معظم القنوات الإخبارية في كندا في الأيام الماضية، كان هو اعدام طيور النعام المستجلبة من افريقيا الى كندا و التي يتراوح عددها ما بين ال 300 الى 330 نعامة. الحدث وقع في مقاطعة " بريتش كولومبيا " – " مدينة أيدج وود "، عندما أصدرت ( الوكالة الكندية لفحص الأغذية ) و هي وكالة مناط بها متابعة، مراقبة و فحص المواد الغذائية التي يمكن أن تلحق الضرر بالمواطن الكندي أو اصابته بالأمراض، تلك الوكالة أصدرت قرارا بإعدام النعام في مزرعة في تلك المقاطعة، عندما تأكد لها إصابة النعام بأنفلونزا الطيور و بفيروس غير معروف في كندا مما يسبب تهديدا وجوديا للمواطن الكندي عموما و السكان في تلك المنطقة.
" صاحبة " المزرعة التي تربي النعام لم تستسلم ، و استأنفت قرار الوكالة قضائيا و لكن طعنها في القرار شطب في كل مراحل التقاضي، حينها لجأت الى قنوات الاعلام و هى تزرف في الموع قائلة، بأن هنالك جريمة ترتكب ضد طائر النعام الودود و المسكين، مما أدى الى تعاطف عدد ليس قليلا معها .
تزامن مع هذا النهج الإعلامي في ابتزاز المواطن الكندي العادي الذى يعشق الحيوانات الأليفة، يقوم بتربيتها و يتعاطف معها، مع المجازر التي يرتكبها الجنجويد في الفاشر و التي راح ضحيتها آلاف الضحايا برصاص الجنجويد و التي لم تجد لها حظا او موطأ قدم في الاعلام الكندي مع ضحايا النعام !!
2
ما يحدث في دارفور
حقيقة ما يحدث في دارفور يصعب الحكي عنه ، و لكن بعد حصار للفاشر عاصمة الإقليم لفترة تزيد عن العام دخلت قوات الجنجويد للمدينة، بعد انسحاب مهين من الجيش تارك المواطن تحت رحمة الجنجويد كما حدث من قبل في الجزيرة – مدنى.
مصادر المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة تقول المئات من الأشخاص تم قتلهم ، اغتصبت النساء و تم بقر بطون النساء الحوامل، قتل الأطفال و كبار السن.
عشرات المقابر الجماعية و نزوح من الفاشر و المناطق التي تحيط بها ، يقدر بالألاف و مجاعة تفشت بين المواطنون حتى تم أكل " الامباز " المعد للحيوانات ، و انعدم كل شي يمكن اكله أو شرائه، و كلا الطرفين يصران على مواصلة الحرب و القتال رغم كل هذا الموت و الدمار.
( مارك روبيو ) وزير الخارجية الأمريكية في لقاء معه ذكر ( قوات الدعم السريع توافق على أمور و لا تلتزم بها ) ، ( دولا تساعد هذه الجهات في حربها ) ، ( المنظمات الإنسانية قلقة لأن عدد اللاجئين كان أقل من المتوقع و ذلك يعنى شيئين !... المواطنين اما قتلوا أو جوعى و مرضى لا يستطيعون الحركة ).
بالطبع وزير الخارجية الأمريكي لم يسمى الدول التي تدعم اطراف النزاع و لكن الرأي العالمي يعرف دور الأمارات التي تمد الجنجويد بالسلاح، و دعم مصر لحكومة الأمر الواقع في بورتسودان وأيضا السعودية و قطر تلعبان دورا في تأجيج الصراع كل هؤلاء يعملون لحماية مصالحهم في السودان و المنطقة عموما.
3
مقاربة ضحايا دارفور و نعام ( بريتش كولمبيا ) و التي تعكس تغيب المواطن الكندي لم تأتى من فراغ، و قد يسأل سائل ما هو دور المواطن السوداني الكندي في طرح مأساة دارفور للمجتمع الكندي و هو سؤال مشروع !....
لقد تمت اجتماعات و لجان للمساعدة كما تمت مسيرة في مدينة تورنتو تندد بالحرب و مجاذر الجنجويد رغم اعتقادي بانها لم تكن بحجم المأساة، و لكن ذلك لا ينفى دور الاعلام الكندي و مسئولية الحكومة الفيدرالية في تجاهل المأساة و اخفائها بعض الحقائق و المعلومات عن المواطن الكندي .
فقد تناول الاعلام الدولي تقارير تشير الى استخدام الجنجويد في معاركها لأسلحة كندية و بريطانية خاصة البندقية الكندية الشهيرة ( كولت كندا ) و ناقلة الجنود المدرعة الفعالة و الشهيرة أيضا باسم ( بايسون ) أو ( الثور الأمريكي ) و الناقله الأخرى ( كايوتى ) أو الذئب !
لقد ذكرت وزيرة الدفاع السابقة هندية الأصل ( انيتا أناند ) أنها سوف تحقق في مزاعم استخدام الأسلحة الكندية في مناطق النزاعات الملتهبة التي ترتكب فيها الجرائم ضد الإنسانية و الإبادة البشرية و التي يعتقد البعض انها قد جاءت من دولة الامارات للجنجويد !!.... منظمات حقوق الأنسان طالبت الحكومة الكندية بمراجعة نظامها الحالي الخاص بمراقبة صادرات الأسلحة.
4
أخير أقول ان ما تم في دارفور في الأيام السابقة يتطابق مع ما جرى في روندا وقع الحافر على الحافر، ففي خلال مائة يوم قام الهوتو بقتل 800,000 شخص من التوتسي مع نفس خطاب الكراهية، نفس التطهير العرقي و ارتكاب جرائم تقشعر لها الأبدان يتم كل ذلك في انتهاك صارخ لحقوق الانسان ، القانون الدولي و لكل القيم الإنسانية مع الصمت الدولي !!
هذا السلوك المتكرر و الصمت المريب من قبل المجتمع الدولي، يعنى أن هنالك خطأ ما يجب أن يعالج ، كما ان هنالك خلل في تطبيق قيم و مبادئ العدالة الدولية !!..... أن التضامن مع انسان دارفور يبدأ بالعمل على وقف هذه الحرب اللعينة فورا، مع حجر الأسلحة التي تستخدم من الطرفين وقودا لحرق و قتل المواطن الدارفورى.
13 أكتوبر 2025
توضيحات
1- خبر مصادر استخدام الأسلحة جاء:
2- تقارير لجنة خبراء الأمم المتحدة
3- مؤسسات إعلامية غربية ، صحيفة الغارديان ووكالة رويترز

تعليقات