المغادرة !
- Adnan Zahir
- 25 يوليو 2022
- 2 دقيقة قراءة
الحياة سلسلة متتابعة و متعاقبة من المغادرة و الرحيل، تبدأ منذ الميلاد بمفارقة المولود رحم أمه و تنتهى بالرحيل الأبدى عن الدنيا. واتتنى تلك الخاطرة و أنا أفكر فى رحيل ابنتى من منزل الأسرة الى شقة تخصها فى المدينة التى أعيش بها.
عندما أبديت موافقتى مترددا على قرارها، شعرت بالحزن و انقباض يثقل على النفس لفراقها،خاصة و أننى عانيت و عشت تجربة الرحيل من قبل فى صوره الأخرى.عند قبولى بالأمر الواقع كنت قد أتكأت على مقولة أمريكية شعبية تقول :
( اذا لم تستطع منع شخص تحبه من اتيان فعل لا ترغب أن يعمله و مصرا على رأيه، فأدعمه و أقف معه فى مشروعه حتى ينجح فى مسعاه ).
فى تقديرى ان رحيل ابنتى يسنده واقع موضوعى تعيشه، فهى قد نشأت،تررعت و أكملت دراستها فى مجتمع متباين القيم و التقاليد،مجتمع يختلف عن المجتمع السودانى الذى ينوء بحمولته الأجتماعية و الثقافية، التى تكرس لسطوة الأسرة ( الأب – الأم ) بشكل مطلق.
كما أن ذلك المجتمع و المجتمعات الشرقية التى تشابهه عملت و تعمل على سن أعراف و قوانين مكتوبة و غير مكتوبة تستهدف تكبيل الأبناء خاصة البنات منهم، وجعلهم فى موضع التضحية الدائمة مع التجاهل التام و عدم الألتفات الى طموحاتهم الأنسانية.
وفق منظورى فأن الحياة قصيرة جدا، لا يسطتيع الأنسان مهما فعل تحقيق كل ما تصبو اليه النفس، و بالتالى لا أرى داعيا أن نكبل الآخرين بقيود تعمل على عدم الأحتفاء بالحياة و العيش بها كما يرغبون .
ضمن هذا المفهوم أرى لأبنتى كل الحق فى الأستمتاع و الأحتفاء بحياتها،أن تعيشها كما ترغب و تطمح......هذا الأستقلال فى الحياة يعمل على تطويرها فى اتجاه الأنسانى المفيد المتمثل فى الآتى :
1 - اكتساب التجربة .
2 - الأعتماد الكامل على النفس.
3 - القدرة على اتخاذ القرارات، بعيدا من تأثير الأسرة.
4 - نضوج الشخصية فى وقت مبكر و بناء علاقات مع الآخرين من خلال معارفها الأنسانية،تجاربها و نضوجها الوجدانى ، بالاضافة الى المساهمة فى التطور الأنساني بشكل عام.
هذا بالتأكيد ما تحتاجه أبنتى بذكاءها المتفرد و قوة شخصيتها، و هى قد أكملت تعليمها الجامعى بامتياز، و تعمل فى وظيفة محترمة فى تخصصها و تساهم بمسئولية و التزام فى منصرفات " البيت " الكبير.اتخاذها ذلك القرار بالمغادرة لتعيش بمفردها، ينمى فيها الثقة بالنفس،القدرة على ادارة حياتها كما تريد،اتخاذ القرارات المفصلية و الدنيوية دون التأثير من أحد.
أعتقد أننى و طيلة حياتها فى كنفى، قد أعطيتها جرعات من المعارف الأنسانية و الأخلاقية و سلحتها بالتجارب المختلفة، مما يمكنها من بدء حياتها باستقلال، و انتقاء خياراتها فى الحياة بنضوج و موضوعية، سوف تنجح و تمضى الى الامام ................ الحياة مستمرة فى تقدمها، و لن يستطيع ايقاف مسيرتها أحد !!
2020
تعليقات