top of page
بحث

" السَماوي "......صدى التاريخ !

  • Adnan Zahir
  • 26 مايو
  • 2 دقيقة قراءة

 

 

عندما كنا أطفالا في أواخر الخمسينات و بداية الستينات من القرن الماضي، كانت الأسر السودانية تمنع الأطفال من الابتعاد و التوغل بعيدا عن المنازل، مسببين ذلك بأن الأطفال عرضة للخطف بواسطة " السَماوي " ! ...عرفنا ان " السَماوي " هو شخص يقوم بخطف الأطفال و بيعهم في السعودية، عدد كبير من الأسر الامدرمانية كانت على قناعة تامة بذلك بالأمر.

بحثت على كلمة " السَماوي " في قاموس ( اللغة العامية ) لدكتور عون الشريف كما بحثت عنها في ( الجي بي تي )، لكن لم أجد لها معنى ( الشخص الذى يقوم باختطاف الأطفال ) بل معانى أخر مرتبطة باللون الأزرق أو بفهم ديني صوفي يرمز الى السماء.

أورد الكاتب شوقي بدرى في مقاله المعنون ( المسكوت عنه ...الشذوذ الجنسي ) و المنشور في الراكوبة الالكترونية، ان العميد يوسف بدرى في كتابه ( قدر جيل ) السيرة الذاتية له الأعوام ( 1912 – 1995 ) و هو يتحدث عن ظاهرة الشذوذ الجنسي ،ان أولئك الرجال الذين يعتدون جنسيا على الأطفال أطلق عليهم أسماء كثيرة من ضمنها أسم " السَماوي " .

 تلك الإشارة التي أوردها العميد يوسف بدرى، تعنى أن أسم السَماوي كان معروفا في المجتمع و يرمز الى شخص يمارس سلوك مستهجنا و مرفوضا من قبل الناس، كما ينهض دليلا أيضا عما أورده الحكي الشعبي عن خطف الأطفال في ذلك الوقت .

في تقديري ان تلك الحكاوى لا تأتى من فراغ و لا بد أن تكون لها جذور في التاريخ، و جذورها ترجع الى حقبة الرق ، خطف الأنسان و بيعه في السودان و تلك ممارسة ضاربة في القدم ، و تشمل حتى التاريخ الحديث و أقصد هنا فترة المهدية.

الرق في دولة المهدية كان مُباحا، بل هو مورد أساسي من موارد الدولة ،و أفرد له مكان للبيع في جامع الخليفة الحالي الموجود في امدرمان قرب المستشفى و سجن أمدرمان أو سجن " الساير " سابقا، بل أكثر من ذلك فعدد من قادة المهدية كانوا من تجار الرقيق مثال لذلك النور عنقرة و عثمان دقنه على سبيل المثال لا الحصر .

من خلال الأسئلة لعدد من الأشخاص تعدوا سن الثمانين و التسعين قد أكدوا على ظاهرة السَماوى و انهم قد سمعوا تلك الحكاوى عن ما تقدم من أهلهم، كما يؤكد علم الأنثروبولوجي ان الحكاوى المروية المتجددة في المخيلة الجمعية لا بد أن تكون ارتبطت بواقع جعل المعاصرون يرددون نفس الحكاوى.

أزعم أن مسألة " السَماوي " ارتبطت في مخيلة الجموع السودانية بمسألة الرق في المجتمع و الذى كانت تتم ممارسته حتى ثلاثينات القرن الماضي ( راجع كتاب نقد – الرق في السودان )، و قد تسببت تلك الممارسة التي لم تعالج أثارها بعد الأستقلال في تفكك المجتمع، التمييز العنصري المستبطن، وأخيرا و ليس آخرا انفصال جنوب السودان.  

 

مايو 2025

 
 
 

المنشورات الأخيرة

إظهار الكل
مهرجان تورنتو السينمائي 2025

TIFF تجرى في مدينة تورنتو في الرابع  و حتى الرابع عشر من هذا الشهر – سبتمبر، فَعالية مهرجان تورنتو السينمائي المعروف باسم ( تِف ). في هذا...

 
 
 
جزيرة ( ساونا )

Saona  Island 4   تقع ( جزيرة ساونا ) عند الطرف الجنوبي الشرقي للدومنيكان داخل البحر الكاريبي، و تعتبر جزء من منتزه الشرق الوطني.  للقيام...

 
 
 

تعليقات


bottom of page